منيرة الصُّلح تعرض تجهيزًا فنّيًا متعدّد الوسائط في الجناح اللبناني ضمن المعرض العالمي الستين للفن المعاصر – بينالي البندقية


إفتتح الجناح اللبناني في المعرض العالمي الستين للفن المعاصر– بينالي البندقية، حيث يُعرضُ تجهيز فنّي متعدد الوسائط للفنانة منيرة الصُّلح تحت عنوان "رقصة من حكايتها". المفوّضة العامّة والقيّمة الفنيّة: ندى غندور. أقيم الإفتتاح بحضور سفيرة لبنان في إيطاليا، السيدة ميرا ضاهر، وزير الثقافة الإماراتي، الشيخ سالم بن خالد القاسمي، المفوّضة العامّة والقيّمة الفنيّة للجناح ندى غندور، الفنانة منيرة الصُّلح، المهندس المعماري-السينوغراف كريم بكداش، القيّمة المرافقة دينا بزري، مؤسِّسة "غاليري صفير-زملر" أندريه صفير-زملر، الغاليري الممثل للفنانة، جهات رسمية، ممثلي المؤسسات الشريكة وعدد من الشخصيات اللبنانية وأصدقاء لبنان.


برعاية وزارة الثقافة اللبنانية، ومن تنظيم وإنتاج الجمعيّة اللبنانية للفنون البصريّة (Lebanese Visual Art Association - LVAA)، دعى الجناح اللبناني الفنانة منيرة الصُّلح (بيروت، 1978) إلى فتحِ ممراتٍ بين الأسطورة والواقع داخل جدرانه ودهاليزه. يتعمق الجناح اللبناني في العصور القديمة لتاريخه ويتألّف التجهيز الفني المتعدّد الوسائط والذي يحمل عنوان "رقصة من حكايتها"، من واحد وأربعين عملاً مكوّنة من رسومات ولوحات ومنحوتات وتطريز وفيديو. يشغلُ العمل فضاء الجناح اللبناني الذي تبلغ مساحته 180 متراً مربعاً داخل "الأرسنالي".

من خلال إعادة تأمّل أسطورة اختطاف "أوروپا"، تعيدُ الفنانة النّظر في التطلعات والتحديات التي تواجهها النساء في يومنا الحالي. على القماش كما على الورق والشاشة، تجمع عمليتها الإبداعية بين السَّرد المجازي والنَّهج الوثائقي والاستملاك والتحويل، من خلال تمثيلات تتّسمُ بالواقعية والشّعريّة والمُعاصَرة.

 

ممثلةً وزير الثقافة اللبناني، القاضي محمد وسام المرتضى تلت ندى غندور كلمته خلال حفل الافتتاح: "ندرِكُ في لبنان قيمة الفعاليات الثقافية الدولية ونقدّرُ أهميّتها في تعزيز الاحترام والتّفاهم المتبادلَين. يشكّلُ جناحنا اللبناني الكائن في قلب مساحة "الأرسنالي" فرصةً تُشيد بقدرةِ الفن وقوّته كَلُغٍة عالميّة وتحتفي به، وهو مناسبة تتيح تواصل الفنانين مع الجماهير من جميع أقطاب العالم، ودعم التبادل الثقافي وتعزيزه. نحن فخورون بأنّنا جزء من هذا الحدث المهم والمُوَقَّر، وبتسليط الضوء على المشهد الثقافي النابض بالحياة في لبنان."

 

وخلال كلمتها، قالت ندى غندور: "الجناح اللبناني لعام 2024 هو صرحٌ يمجّد الانعتاق والحرية والتضامن والمساواة بين الجنسين. وهو مكان للحوار الشُّجاع والمُستبسِل عبر الزّمن وعلى أرضٍ هي اليوم أكثر صموداً وقدرةً على الاستئناف والمواصلة من أي وقت مضى. يقدّم الجناح اللبناني في "بينالي البندقية" هذا العمل في رغبةٍ للمشاركة في تغذية الوعي الاجتماعي والسياسي الجماعي من خلال قوة الفن وتأثيره."

 

وأعلنت الفنانة منيرة الصلح: "يرتبط تجھیزي الفنّي الذي أنجزته للجناح اللبناني ارتباطاً وثیقاً بمنطقة البحر الأبیض المتوسط، سواءً كان ذلك من خلال استخدام المراجع التاریخیةّ أو التصویرات والتخیلّات أو حتىّ الألوان. یوجد في العمل عدد كبیر من الإحالات إلى تاریخنا، وخاصة إلى عناصر من الحقبة الفینیقیةّ، وكلاھما معروف وحیوي لتاریخنا" 

 

التجهيز

يتمحور تجهيز "رقصة من حكايتها" حول قاربٍ يدعونا إلى رحلة رمزية للانعتاق والمساواة بين الجنسين. غير أن هيكل القارب غير المكتمل يشيرُ إلى أن هذه الرحلة لم تكتمل تماماً. يستقرُّ تجهيز منيرة الصُّلح في مسارٍ تنظمه علاقات القِوى. في وسط المعرض، نرى القارب في منتصف الطريق بين الأعمال التصويرية والرسومية التي تدعو إلى التشكيك في المعايير الجنسانية وإلى النضال من أجل المساواة من جهة، ومن جهةٍ أخرى الأقنعة التي تجسّدُ القوى المحافظة في المجتمع. بالإضافة إلى ذلك، تأخذُ الأجسام التي نراها في مساحة المعرض أدواراً في الفيلم (12 دقيقة) المعروض على شراع القارب.

 

تشكّلُ رسومات منيرة الصُّلح إطاراً لفكرة مركزية قامت بتطويرها في مجموعةٍ من اللوحات التي تتحدى الأيقونية التقليدية. تتبنّى الفنانة استراتيجيّة تعتمد على التّبديل والتّحويل والتَّمسيخ. في العمل، نرى العديد من الشّخوص النموذجيّة للثقافة والأسطورة الفينيقيّة تسكنُ، وبطريقةٍ فظّةٍ ومفاجئة ومهرّجة، عالماً يقع في الوسط بين الرّمز والواقع. لا ترتبطُ زمانيّة عمل "رقصة من حكايتها" بالأسطورة، بل هي زمانية الفنّانة في حوارها مع المشاهد هنا والآن.

 

وضع تصميم السينوغرافيا المهندس المعماري كريم بكداش دون أي تأهيلٍ أو تقسيم لمساحته، ممّا يسمح بالانغماس الكامل للجمهور داخل المعرض. يساهم في ذلك أيضاً التدرّج نحو أفق لا نهائي مطلي باللون الأزرق المُرَمَّد، وهو لون بحر مدينة صور وسمائها. هذا بالإضافة إلى عوّامةٍ خشبيّةٍ طويلةٍ ومتعرّجة تعبرُ الجناح من الطَّرَفِ إلى الطَّرف الآخر، وتربط اليابسة بالبحر. يتمُّ اللقاء بين الزائرون والأعمال الفنية طوال رحلتهم داخل الجناح.